عندما هاجم فيروس كورونا العالم على غير انتظار وأدى إلى شلل تام فى أغلب مرافق العالم وأرغم المليارات من البشر على الجلوس فى منازلهم كان هذا إيذانا بميلاد تكنولوجيا جديدة وهى التعليم عن بعد. البرمجيات نفسها كانت موجودة منذ عدة سنوات لكننا كنا نستخدمها إما على نطاق ضيق أو على سبيل «الدردشة» مثل برامج سكايب ثم زووم… إلخ. منذ حوالى منتصف مارس 2020 وجميع المدارس والجامعات أصبحت مجبرة إما على تعليق الدراسة أو استخدام تكنولوجيا التعليم عن بعد دون استعداد كافٍ سواء من المؤسسة التعليمية أو الطلبة.
عاد العالم إلى طبيعته لكن التعليم لم يعد كما كان، بل وأماكن العمل الأخرى لكننا سنركز على التعليم فى مقال اليوم. هل التعليم عن بعد جيد؟ أم لا؟ وما هو مستقبله؟
…
هناك عدة نقاط مرتبطة بالتدريس فى واقعنا الحالى يجب أن نأخذها فى الاعتبار:
• أساتذة الجامعات والمدرسون فى المدارس يعانون من قلة الدخل فى معظم دول العالم.
• عدد الطلاب يتزايد فى أغلب مراحل التعليم.
• هناك الكثير من الطلاب الموهوبين لكن لا يتمكنون من الالتحاق بجامعات متقدمة إما لمشاكل فى الحصول على التأشيرة إذا كانت الجامعات فى دول أخرى أو لقلة المال نظرا للتنافس على المنح.
هذه النقاط مجتمعة جعلت العملية التعليمية فى أزمة فى دول عديدة، بعض الدول أخذت العملية التعليمية إلى النهج الرأسمالى البحت بحيث أصبحت الجامعات مثل الفنادق تهتم بالمطاعم والملاعب أكثر من قاعات الدرس، ودول أخرى أخذت النهج العكسى وأهملت القطاع التعليمى ككل. لذلك الكل فى انتظار قفزة كبيرة فى العملية التعليمية تحسن جودة التعليم وفى نفس الوقت لا تهمل الجانب الاقتصادى. هذه القفزة هى التكنولوجيا.
…
الحياة فى الجامعة أو المدرسة ليست فقط فى الدروس، ولكنها تجربة حياتية كاملة، وحتى داخل قاعات الدرس هناك تفاعل بين الطلاب وبين المدرس. برامج المحادثة بالفيديو مثل زووم تحد من هذا التفاعل. لذلك نحتاج تكنولوجيا أكثر تطورا وهذا سيأتى من تكنولوجيا موجودة منذ أكثر من ربع قرن تسمى الواقع الافتراضى (virtual reality) والتى تجعلك تعيش فى عالم متخيل تماما عندما تضع تلك النظارات الضخمة على عينيك. هذه وحدها غير مناسبة لكنها تطورت إلى ما يعرف بالواقع المعزز (augmented reality) والتى تتيح لك رؤية العالم من حولك مضافا إليه أشياء تخيلية، ونحن الآن فيما يعرف بالواقع المختلط (mixed reality) الذى يتيح لك التفاعل مع الواقع الحقيقى والافتراضى أيضا وهى التكنولوجيا التى نحتاجها الآن فى العملية التعليمية حيث يمكنك أن ترى الأستاذ وتتعامل معه وتتعامل مع الطلاب الآخرين كأنهم معك فى الغرفة.
هذا الواقع المخلط يتيح أيضا وسائل جديدة فى التدريس حيث يمكن أن تقوم بتجربة كيميائية مثلا وأنت فى منزلك بدون أجهزة أو تقوم بالكشف على مريض إذا كنت طالبا فى كلية الطب وكأنه أمامك، بعض هذه السيناريوهات ليس متاحا الآن لكنه سيكون كذلك فى المستقبل القريب. حاليا تلك النظارات المستخدمة فى الواقع المختلط غالية الثمن وكبيرة الحجم، لكن من المتوقع أن يتغير ذلك فى المستقبل القريب.
لكن ماذا عن المدرس نفسه؟ إذا حاولنا استشراف المستقبل فقد نرى مدرسين هم عبارة عن برمجيات ذكاء اصطناعى لكن يظهروا تفاعلا مع الطلاب أقرب إلى المدرس البشرى لكنه هنا لا يمل ولا يتعب ويمكنه إعطاؤك دروسا إضافية مجانا وبالطريقة التى تلائم طريقة فهمك للدروس وسرعة استيعابك. هل معنى ذلك اختفاء مهنة التدريس؟ بالطبع لا فهذه البرمجيات تحتاج من يدربها والعملية التعليمية تحتاج اللمسة البشرية لأن العواطف البشرية لا يمكن توليدها بالبرمجيات؛ لذلك فالمدرس البشرى سيكون عليه الإشراف العام والتعامل مع المشكلات التى تطرأ بالإضافة إلى وضع الإطار العام للعملية التعليمية.
هذه كلها تكهنات ونظرة أولية على الموضوع لكن التعليم من القطاعات التى من المنتظر أن تشهد تطويرا كبيرا فى السنوات العشر القادمة.
…
مثلما الحال مع أى تكنولوجيات جديدة هناك ثلاث مراحل سيمر بها التعليم:
• المرحلة الأولى هى المرحلة الحالية حيث أغلب المدارس والجامعات تعتمد على التدريس فى قاعات المحاضرات، هذه المرحلة ستستمر عدة سنوات حتى تتطور أكثر تكنولوجيات التعليم عن بعد.
• المرحلة الثانية ستتجاور فيها تقنيات التعليم عن بعد مع تقنيات التعليم التقليدى، سنجد طلابا تذهب إلى المدارس أو الجامعات وطلابا آخرين يحصلون على الدرجة العلمية وهم فى بلادهم.
• المرحلة الثالثة وهى أن تصبح كل الجامعات والمدارس تعمل بطريقة التعليم عن بعد، أعتقد أن ذلك سيراه الجيل القادم من الطلاب حيث سيصبح الإنترنت السريع يغطى الكرة الأرضية كلها وبرمجيات الذكاء الاصطناعى تطورت عن الجيل الحالى وأجهزة الواقع المختلط أصبحت فى متناول الجميع.
هل سنرى جامعات بدون مبانٍ؟ هل سنرى جامعات بدون أساتذة وتعتمد على برمجيات الذكاء الاصطناعى للتدريس؟ هل سيصبح عمل الأستاذ الجامعى هو تدريب البرمجيات فقط وليس التدريس؟ هذه أسئلة سيكشف عنها المستقبل القريب والمتوسط. من الصعب الإجابة عنها الآن لأن هناك عوامل اقتصادية وسياسية بجانب العوامل التكنولوجية تتحكم فى شكل التعليم فى المستقبل.
…
التكنولوجيا المرتبطة بالتعليم تعيش عصرها الذهبى فى أيامنا هذه، لذلك من الجيد تشجيع رواد الأعمال عندنا فى مصر على تطوير مشروعات تكنولوجية مرتبطة بالعملية التعليمية سواء المدرسية أو الجامعية. وجود وافتتاح عدد كبير من الجامعات فى مصر يعتبر أرضا خصبة لتجربة تلك التكنولوجيا قبل الانطلاق إلى العالمية.
عاد العالم إلى طبيعته لكن التعليم لم يعد كما كان، بل وأماكن العمل الأخرى لكننا سنركز على التعليم فى مقال اليوم. هل التعليم عن بعد جيد؟ أم لا؟ وما هو مستقبله؟
…
هناك عدة نقاط مرتبطة بالتدريس فى واقعنا الحالى يجب أن نأخذها فى الاعتبار:
• أساتذة الجامعات والمدرسون فى المدارس يعانون من قلة الدخل فى معظم دول العالم.
• عدد الطلاب يتزايد فى أغلب مراحل التعليم.
• هناك الكثير من الطلاب الموهوبين لكن لا يتمكنون من الالتحاق بجامعات متقدمة إما لمشاكل فى الحصول على التأشيرة إذا كانت الجامعات فى دول أخرى أو لقلة المال نظرا للتنافس على المنح.
هذه النقاط مجتمعة جعلت العملية التعليمية فى أزمة فى دول عديدة، بعض الدول أخذت العملية التعليمية إلى النهج الرأسمالى البحت بحيث أصبحت الجامعات مثل الفنادق تهتم بالمطاعم والملاعب أكثر من قاعات الدرس، ودول أخرى أخذت النهج العكسى وأهملت القطاع التعليمى ككل. لذلك الكل فى انتظار قفزة كبيرة فى العملية التعليمية تحسن جودة التعليم وفى نفس الوقت لا تهمل الجانب الاقتصادى. هذه القفزة هى التكنولوجيا.
…
الحياة فى الجامعة أو المدرسة ليست فقط فى الدروس، ولكنها تجربة حياتية كاملة، وحتى داخل قاعات الدرس هناك تفاعل بين الطلاب وبين المدرس. برامج المحادثة بالفيديو مثل زووم تحد من هذا التفاعل. لذلك نحتاج تكنولوجيا أكثر تطورا وهذا سيأتى من تكنولوجيا موجودة منذ أكثر من ربع قرن تسمى الواقع الافتراضى (virtual reality) والتى تجعلك تعيش فى عالم متخيل تماما عندما تضع تلك النظارات الضخمة على عينيك. هذه وحدها غير مناسبة لكنها تطورت إلى ما يعرف بالواقع المعزز (augmented reality) والتى تتيح لك رؤية العالم من حولك مضافا إليه أشياء تخيلية، ونحن الآن فيما يعرف بالواقع المختلط (mixed reality) الذى يتيح لك التفاعل مع الواقع الحقيقى والافتراضى أيضا وهى التكنولوجيا التى نحتاجها الآن فى العملية التعليمية حيث يمكنك أن ترى الأستاذ وتتعامل معه وتتعامل مع الطلاب الآخرين كأنهم معك فى الغرفة.
هذا الواقع المخلط يتيح أيضا وسائل جديدة فى التدريس حيث يمكن أن تقوم بتجربة كيميائية مثلا وأنت فى منزلك بدون أجهزة أو تقوم بالكشف على مريض إذا كنت طالبا فى كلية الطب وكأنه أمامك، بعض هذه السيناريوهات ليس متاحا الآن لكنه سيكون كذلك فى المستقبل القريب. حاليا تلك النظارات المستخدمة فى الواقع المختلط غالية الثمن وكبيرة الحجم، لكن من المتوقع أن يتغير ذلك فى المستقبل القريب.
لكن ماذا عن المدرس نفسه؟ إذا حاولنا استشراف المستقبل فقد نرى مدرسين هم عبارة عن برمجيات ذكاء اصطناعى لكن يظهروا تفاعلا مع الطلاب أقرب إلى المدرس البشرى لكنه هنا لا يمل ولا يتعب ويمكنه إعطاؤك دروسا إضافية مجانا وبالطريقة التى تلائم طريقة فهمك للدروس وسرعة استيعابك. هل معنى ذلك اختفاء مهنة التدريس؟ بالطبع لا فهذه البرمجيات تحتاج من يدربها والعملية التعليمية تحتاج اللمسة البشرية لأن العواطف البشرية لا يمكن توليدها بالبرمجيات؛ لذلك فالمدرس البشرى سيكون عليه الإشراف العام والتعامل مع المشكلات التى تطرأ بالإضافة إلى وضع الإطار العام للعملية التعليمية.
هذه كلها تكهنات ونظرة أولية على الموضوع لكن التعليم من القطاعات التى من المنتظر أن تشهد تطويرا كبيرا فى السنوات العشر القادمة.
…
مثلما الحال مع أى تكنولوجيات جديدة هناك ثلاث مراحل سيمر بها التعليم:
• المرحلة الأولى هى المرحلة الحالية حيث أغلب المدارس والجامعات تعتمد على التدريس فى قاعات المحاضرات، هذه المرحلة ستستمر عدة سنوات حتى تتطور أكثر تكنولوجيات التعليم عن بعد.
• المرحلة الثانية ستتجاور فيها تقنيات التعليم عن بعد مع تقنيات التعليم التقليدى، سنجد طلابا تذهب إلى المدارس أو الجامعات وطلابا آخرين يحصلون على الدرجة العلمية وهم فى بلادهم.
• المرحلة الثالثة وهى أن تصبح كل الجامعات والمدارس تعمل بطريقة التعليم عن بعد، أعتقد أن ذلك سيراه الجيل القادم من الطلاب حيث سيصبح الإنترنت السريع يغطى الكرة الأرضية كلها وبرمجيات الذكاء الاصطناعى تطورت عن الجيل الحالى وأجهزة الواقع المختلط أصبحت فى متناول الجميع.
هل سنرى جامعات بدون مبانٍ؟ هل سنرى جامعات بدون أساتذة وتعتمد على برمجيات الذكاء الاصطناعى للتدريس؟ هل سيصبح عمل الأستاذ الجامعى هو تدريب البرمجيات فقط وليس التدريس؟ هذه أسئلة سيكشف عنها المستقبل القريب والمتوسط. من الصعب الإجابة عنها الآن لأن هناك عوامل اقتصادية وسياسية بجانب العوامل التكنولوجية تتحكم فى شكل التعليم فى المستقبل.
…
التكنولوجيا المرتبطة بالتعليم تعيش عصرها الذهبى فى أيامنا هذه، لذلك من الجيد تشجيع رواد الأعمال عندنا فى مصر على تطوير مشروعات تكنولوجية مرتبطة بالعملية التعليمية سواء المدرسية أو الجامعية. وجود وافتتاح عدد كبير من الجامعات فى مصر يعتبر أرضا خصبة لتجربة تلك التكنولوجيا قبل الانطلاق إلى العالمية.