يلعب “الاستشراف الاستراتيجي” دوراً أساسياً في التخطيط الاستراتيجي واتخاذ القرار. فهو يتحدَّى المنظمة لإعادة تحديد استراتيجياتها لتتلاءم مع تحديات المستقبل بشكل أفضل. عندما نتحدث عن الاستشراف الاستراتيجي، فإننا نتحدث عن إيجاد رؤية بعيدة المدى في الاتجاهات طويلة الأجل التي يمكن ملاحظتها وقابلة للتنفيذ. علاوةً على ذلك إن التأهُّب والاستعداد للمستقبل هو “مؤشر قوي للمنظمات لتصبح أفضل أداءً في مجالها، وتحقق ربحية أعلى، وتكتسب نمو متميز في السوق”.
من الواضح تماماً أن هناك فوائد للاستشراف الاستراتيجي ويجب على كل منظمة أن تعمل على ترسيخ مفاهيمه ضمن استراتيجياتها. علاوة على ذلك، فإن أحد أسباب أداء المنظمات التي تقوم بالاستشراف الاستراتيجي بشكل أفضل، لأنه يزيد من قدرتها على فهم العالم المتغيِّر واتخاذ قرارات أفضل. عندما نجمع بين البحث على المدى الطويل والفهم قصير المدى، فإننا غالباً ما نحقق إنجازات لا يتم اكتشافها بدون رؤية بعيدة المدى. بالتالي ينتج عن هذا حساب آراء مختلف أصحاب المصلحة في عملية الإستراتيجية، ودمج قيم ما هو مستدام وعادل في صنع القرار الاستراتيجي.
نتائج عملية الاستشراف الاستراتيجي الذي يمكن أن يجعل المنظمة متفوقة الأداء في المستقبل
1) يبيِّن الفجوات المعرفية لأبحاث السوق
من خلال التحليل والبحث الذي يؤدي إلى تحديد أهم الفجوات المعرفية، غالباً ما تكون أبحاث السوق الإضافية لموضوع معين إحدى النتائج البعيدة عن الاستشراف الاستراتيجي. هذا يعني تكريس الوقت والمال لفهم إضافي لما يجري بالفعل مع موضوع معين. وكذلك الحصول على نظرة عامة أكثر تعمقاً في لحظة زمنية لصناعة بأكملها ودينامياتها المستقبلية المحتملة.
2) يؤدي إلى استثمار موارد وقدرات جديدة
غالباً ما يؤدي الاستشراف الاستراتيجي إلى تحديد فجوة المعرفة أو الاحتياجات لمجالات عمل جديدة تؤدي إلى استثمار الموارد البشرية والمادية فيها، للحصول على القدرات اللازمة للنجاح في المستقبل.
3) يكشف الشراكات الاستراتيجية الحالية وفي المستقبل
من الجدير بالذكر أن الاستشراف الاستراتيجي يمكنه أن يكتشف نوع الأنظمة البيئية التي يجب أن تكون المنظمة جزءاً منها ومن يجب أن يكون شركائها الاستراتيجيين الرئيسيين لأنهم سيلعبون دوراً حاسماً في المستقبل.
4) ينشىء التجارب الاستراتيجية
إحدى النتائج الرئيسية التي يمكن تحقيقها من خلال الاستشراف الاستراتيجي هي إنشاء تجارب استراتيجية. وهذا يعني اختبار الفرضيات في مجالات ونماذج أعمال جديدة تماماً. على سبيل المثال، من خلال إنشاء فرق أو وحدات جديدة داخل المنظمة تختبر طرقاً جديدة لممارسة الأعمال التجارية. أو تكوين شراكات مع جهات فاعلة غير متوقعة. غالباً ما يتطلب ذلك إعادة تشكيل بعض القدرات والكفاءات الداخلية لتكون قادرة على اقتناص فرص جديدة بشكل أكثر فاعلية. ويمكن أن تؤدي إلى إنشاء منطقة استراتيجية جديدة أو إضافة إلى تلك الموجودة مع الوحدة الجديدة.
5) ينشىء منظمة جديدة للتعلُّم الاستراتيجي والأرباح المستقبلية
في المنظمات الكبيرة، يمكن أن يؤدي الاستشراف الاستراتيجي إلى إظهار أي جزء من الصناعة يمكن أن يكون مفيداً لوجود منظمة جديدة تماماً من أجل التعلُّم الاستراتيجي والعوائد المستقبلية. بالنسبة للمنظمات العالمية الكبيرة، غالباً ما تكون هذه هي الطريقة الأكثر فاعلية للقيام بشيء آخر غير العمل الحالي. حيث ستكون المنظمة الجديدة قادرة على العمل بمفردها، بمنطق واستراتيجية العمل الخاصة بها. في حين أنها لا تحتاج إلى الالتزام بمعايير هيكل المنظمة القديم.
6) يحدد إمكانية الاندماج والاستحواذ
يؤدي الاستشراف الاستراتيجي إلى إظهار نوع المواقف التي تراهن عليها منظمات الأعمال المختلفة والمنظمات الناشئة الجديدة. وبالتالي، يمكن أن يكشف أيضاً عن إمكانية الاندماج أو الاستحواذ المحتمل لمنظمة معينة. بحيث تتكامل قدرات المنظمة الحالية لتكون مناسبة للمستقبل. علماً أن نشوء أعمال جديدة يوفر إمكانية اكتساب معرفة وثقافة ودراية جديدة بالسوق بسرعة. ومع ذلك، فإن الأمر معقد ويصعب القيام به بنجاح ويجب إيلاء اهتمام خاص لمزج ثقافات المنظمات بحيث يمكن تحقيق أقصى مكاسب منها.
7) يطلق اتجاهاً استراتيجياً جديدًا للمنظمة
يمكن أن يخلق الاستشراف الاستراتيجي فكرة اتجاه استراتيجي جديد أو إعادة توجيه جذري لدور المنظمة. ومن خلال ايجاد اتجاه استراتيجي جديد، يمكن أن يكون الاستشراف الاستراتيجي إشارة البدء. يؤدي هذا غالباً إلى تفكيك الأعمال التجارية الخاصة وتشكيل السوق بحيث يكون مختلفاً جذرياً عن ذي قبل. من المؤكد أنه الأكثر تكلفة وتحدياً من بين النتائج المحتملة، كما أنه يوفر أكبر إمكانيات لخلق القيمة والأرباح المستقبلية.
د.عاطف عوض