حتمية أم احتمال؟
خلال النصف الأول من القرن العشرين، وما قبله، شاعت العديد من الأساليب التي استخدمت لاستقراء المستقبل، بغرض اتخاذ القرارات، ورغم أنها تدخل في العملية الإدارية المعروفة بالتخطيط، ورغم أنها أصابت قدرًا من النجاح في مساعدة المخططين على التنبؤ بالمستقبل واتخاذ قرارات رشيدة بشأنه، إلا أنها عُدّت وسائل تقليدية للتعامل مع المستقبل، عند مقارنتها بالطرق والتقنيات الحديثة في هذا المجال. ومن بين الأساليب التقليدية ما يلي:
1- أسلوب التنبؤ عن طريق التخمين : ويعتمد هذا الأسلوب على الطريقة الحدسية التي يستخدمها الفرد في تقدير بعض جوانب المستقبل. لكن مثل هذه التنبؤات قد يصادفها الفشل أكثر من النجاح.
2- أسلوب استقراء الاتجاهات: ويعتمد هذا الأسلوب على أن الاتجاهات التي ثبتت في التاريخ القريب سوف تستمر في المستقبل، ، وتظهر نقطة الضعف في هذا الأسلوب في أنه يفترض أن القوى التي كانت تؤثر في الماضي سوف يستمر تأثيرها في المستقبل بنفس الدرجة، وللتغلب على ذلك أمكن (عن طريق الطرق الإحصائية) ابتكار أساليب فنية جديدة لاستقراء الاتجاهات بكفاءة عالية.
3- أسلوب الإسقاطات: وغالبا ما تعتمد طرق الإسقاط على استقراء الاتجاهات الماضية. إلاّ أن طرق الإسقاط قد تعتمد في كثير من الأحيان على نموذج قياس يضم عددًا من العلاقات من أهمها:
– التعريفي: وهو الذي يعبر عن علاقات معينة بين المتغيرات
– السلوكي: وهو الذي يعكس السلوك المتوقع، وغالبًا ما يؤخذ السلوك الرشيد كأساس لتحديد العلاقات
– الفني: وهو الذي يعكس العلاقة بين المدخلات والمخرجات المختلفة المتوقعة في نظام ما.
4- أسلوب المحاكاة أو المماثلة : ويعتبر هذا الأسلوب امتدادًا لأسلوب الإسقاط المبني على توافر النموذج ولكنّه يتميز بجانبين:
أ- أن العلاقات التي تعتمد عليها متعددة، تقبل إضافة عدد كبير من العوامل ذات التأثير الهام في عملية التنبؤ.
ب- إمكانية إدخال أسلوب التحليل الاجتماعي في التنبؤ المستقبلي.
5- أسلوب التعرف على المستجدات: يقوم هذا الأسلوب على التعرف على المستجدات الممكن توقعها، والتي يترتب عليها حدوث تغيرات لا يمكن توقعها من خلال الأسلوب ألإسقاطي
6- أسلوب تحديد مجالات الانتشار: ويقوم هذا الأسلوب على فكرة أساسية قوامها أن التغيرات الاجتماعية الرئيسية إنّما تنجم عن الانتشار الواسع للتكنولوجيا والامتيازات ، ويعني هذا الأسلوب أن ما كان في يوم احتكارًا لقلة يصبح متاحًا للكثير، مما يترتب علية تغيرات واسعة في المجتمع.ولكن الدراسات الاستشرافية في مناهجها وتقنياتها الحديثة تختلف عن أساليب التنبؤ التقليدي؛ ويمكن التفرقة بينهما في أربع نقاط رئيسية هي:
- المدى الزمني: حيث تتعامل الدراسات المستقبلية مع مدى زمني أطول من ذلك الذي يتناوله التنبؤ التقليدي.
- معدلات التغير: حيث تتعامل الدراسات المستقبلية مع درجات من التغير أعلى من تلك التي يعتمد عليها التنبؤ التقليدي.
- البدائل: حيث تتعامل الدراسات المستقبلية مع بدائل مختلفة للموضوع محل البحث، نتيجة لعدم القدرة على معرفة التغيرات في الأجل الطويل.
- أساليب التحليل: حيث تستخدم الدراسات الاستشرافية أساليب للتحليل الكمي والكيفي، بينما يعتمد التنبؤ التقليدي على أساليب كمية فقط.وتسود اليوم أساليب مستحدثة للتعامل مع المستقبل.