الدراسات المستقبلية.. ضرورة ملحة
يعد التفكير بالمستقبل قديم قدم البشرية فهو يُمارس في الحياة فطرياً، وقد بدأ علم الدراسات المستقبلية بالظهور منتصف القرن العشرين وكانت مؤسسة رواندي ومركز نادي روما من أوائل المراكز والمؤسسات التي اهتمت بهذا العلم وبدأت بإجراءات عدد من الدراسات الاستشرافية حول جملة من القضايا السياسية والاقتصادية والعسكرية وغيرها.
والمقصود هنا بالدراسات المستقبلية ليس الكهانة والتنجيم ومحاولة علم ما يحتويه الغيب، وإنما دراسة المستقبل لقضية معينة تكون متوقعة ومحتملة وذلك باستقصاء ماضيها والنظر في واقعها للوصول إلى رؤية مستقبلية عن طريق سيناريوهات مرسومة مسبقاً مهمتها الوصول إلى الغاية المستقبلية.
وتكمن أهمية الدراسات المستقبلية في أن ما نتخذه اليوم من قرارات في حاضرنا سوف تؤثر بطريقة أو بأخرى في مستقبلنا ومستقبل أجيالنا المقبلة، فاتخاذ القرارات الرشيدة والصائبة له أكبر الأثر – بإذن الله – في جعل المستقبل أفضل.
ولهذا الموضوع أهمية عملية كبيرة تُحتّم المسارعة بإنشاء إدارات في الجهات والوزارات والهيئات الحكومية في المملكة تختص بالدراسات الاستشرافية أو المستقبلية كلٌ وُفق اختصاصه لما لهذه الدراسات من دورٌ كبير في تنمية المجتمع وتطويره وازدهاره من كافة جوانبه، فالدراسات المستقبلية أصبحت ضرورة ملحة وتبلغ أهميتها على سبيل المثال لا الحصر في وزارة التعليم ووزارة الإسكان ووزارة المياه والكهرباء إلى جانب وزارة الشؤون الاجتماعية، وليست في هذه الوزارات فحسب، بل الحاجة ملحة إلى إنشاء إدارات متخصصة في معظم الجهات والوزرات والهيئات والقطاعات الحكومية كوزارة الحرس الوطني والدفاع والداخلية والصحة وهيئة الهلال الأحمر وهيئة الاستثمارات العامة والمؤسسة العامة للتقاعد وكذلك التأمينات الاجتماعية وغير ذلك من الوزارات والهيئات والجهات المختلفة.
فما يميز الدراسات المستقبلية هو وضع رؤى مستقبلية متوقعة ومحتملة الحدوث ورسم مسارات لها تختصر في الوقت وفي الإنجاز أيضاً ويستفيد البلد ومواطنيه والأجيال المتعاقبة في تسريع وتيرة التنمية بكل جوانبها بإذن الله ويحقق الرخاء ورغد العيش والأمن والأمان والاستقرار على الدوام بإذنه عز وجل.
وختاماً أود إيضاح أن مراكز الدراسات المستقبلية في الغرب له فاعلية واهتمام من القطاعات والمؤسسات الحكومية من جهة، واهتمام وحرص من القطاع الخاص ومؤسسات وشركات الأعمال من جهة أخرى، في حين في المنطقة العربية خصوصاً والعالم الإسلامي عموماً ما زالت المراكز الاستشرافية شحيحة وقليلة والقائم منها بعضه غير فعال بالدرجة الكافية.
وفي خضم هذه الأوضاع والأحداث التي تمر بها المنطقة العربية تحتم على المراكز عمل دراسات فعالة تجاه هذه الأحداث والأوضاع تشمل القضايا المختلفة سواء كانت تربوية أو سياسية أوعسكرية أو اقتصادية وغيرها.
إشارة: للدراسات المستقبلية والاستشرافية دورٌ مهم في صنع رؤية لمستقبلٍ واعد تنعم فيه الدول والشعوب بالتطور والتنمية بكافة جوانبها والرخاء ورغد العيش والأمن والاستقرار، ومن هنا تكمن أهميتها في ظل الأحداث المتلاحقة والمتسارعة.
للكاتب / عبد الله بن محمد الفارس