العلاقات الأمريكية – السعودية ما بعد جاستا ؛ رؤية استشرافية
تحدث المحاضر / د. محمود المبارك
في منتدى مركز الدراسات الاستشرافية يوم السبت 4/3/1438 هـ
عن العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية ما بعد جاستا، وليس عن جاستا نفسها.
أولاً مقدمة تاريخية :
أعطى نبذة تاريخية عن مراحل العلاقات الأمريكية – السعودية شملت:
- المرحلة الأولى وهي ما أطلق عليها المحاضر “مرحلة التعاون المشترك“. وشملت الفترة 1932-1964. حيث كان أهم معالم هذه المرحلة:
- اكتشاف النفظ 1933 حيث هو العامل الأهم في هذه العلاقة منذ بدأت وحتى الآن
- لقاء روزفلت – عبدالعزيز 1945 حيث يعد هذا اللقاء بمثابة الحجر الأساس للعلاقة المتينة بين الطرفين
- المرحلة الثانية وقد أطلق عليها المحاضر “مرحلة اضطراب الثقة“وشملت الفترة 1964-1975، وقد كان أهم معالمها:
- حرب حزيران 1967
- حظر النفظ 1973
- المرحلة الثالثة وقد أطلق عليها اسم “مرحلة التعاون المطلق“. وشملت الفترة 1975- حتى الآن. وقد كان أهم معالمها:
- نهج العمل من أجل المصالح المشتركة وتجنب الخلافات
- الثورة الإيرانية 1979
- مبدأ كارتر 1979
- حرب الخليج الأولى 1980-1988
- مبادرة ولي العهد السعودي من أجل السلام 1981
- مؤتمر الطائف 1989 لوضع حد للحرب الأهلية في لبنان
- حرب الخليج الثانية 1990-1991
- أحداث سبتمبر 2001 (الحرب ضد الإرهاب)
- الغزو الأمريكي للعراق 2003
أهم المحاور المشتركة للمرحلة الثالثة :
- المحور الاقتصادي:
- مبدأ ما هو حسن لأمريكا فهو حسن للسعودية
- المحور السياسي:
- العمل من خلال المنظومة العربية تحت المظلة الأمريكية
- المحور العسكري:
- تعاون وثيق شمل: فتح المجال أمام القواعد الأمريكية، تعاون في المجالات العسكرية والاستخباراتية، الحصول على أسلحة أمريكية
- حالات انفرد فيها القرار السعودي دون موافقة أمريكية:
- البحرين 2011
- اليمن 2015
استشراف المستقبل :
أشار المحاضر إلى أهمية فهم عقلية صانع القرار الأمريكي للتمكن من التنبؤ للمستقبل. وأشار إلى كتابين قال إنهما يعكسان الطريقة التي من خلالها يتم اتخاذ القرار في البيت الأبيض:
- الكتاب الأول هو Victims of Group Think لمؤلفه Irving Janis حيث يحذر المؤلف من طريقة التفكير الجماعي التي غالباً ما تقود إلى كوارث في السياسة الخارجية الأمريكية. وأشار إلى أن المقصود بالتفكير الجماعي هو أن يحيط الرئيس نفسه بمجموعه من المستشارين الذين يوافقونه الرأي فيما يعرضه عليهم، دون ترك المجال لطرح الرأي المعارض له. وقد أشار إلى أمثلة عديدة من تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية التي اتبعت هذا النهج الذي آل في نهاية الأمر إلى إما فضائح أو كوارث سياسية.
وأشار المحاضر إلى أن إدارة ترمب قد تكون مثالاً تطبيقياً لضحايا التفكير الجماعي.
- الكتاب الآخر الذي أشار إليه المحاضر هو كتاب Crusaders and Pragmatists لمؤلفه John Stoessinger حيث يصنف المؤلف العقلية الرئاسية في الولايات المتحدة إلى أحد رجلين: إما صليبي أو عقلاني. ومن خلال فهم عقلية الرئيس يمكن التنبؤ بسياساته الخارجية.
- ومن خلال تأمله في ترشيحات ترمب لمناصب إدارته الجديدة، ذكر المحاضر كلاً من:
- الجنرال جيمس ماتيس المرشح لمنصب وزير الدفاع والمعروف باسم “الكلب المسعور”
- الجنرال مايك فلين، المرشح لمنصب مستشار الأمن القومي، والذي يعتبر بلاده ليست في حرب مع “الإسلام الراديكالي”، وإنما مع الإسلام عموماً.
- جيف شيشنز، وزير العدل: والمعروف بكونه مناهضاً للهجرة
- مايك بومبيو، رئيس الاستخبارات المعروف بكراهيته للمسلمين
- ويلبر روس، وزير التجارة: وهو ملياردير مثير للجدل
- وأشار إلى أن حقيبة الخارجية لا تزال تنتظر مرشحها وإن كان من ضمن المرشحين
- كذلك تحدث عن دور محتمل في إدارة ترمب للجنرال بويكن، الذي سبق أن تولى منصباً عسكرياً قيادياً في إدارة بوش الابن، وكانت محاضراته للجنود الأمريكين تؤكد على أنهم يقودون “حرباً صليبية”، الأمر الذي جعل مجلة التايمز الأمريكية أن تخصص أحد أعدادها لذلك الأمر وتضع صورة بويكن على الغلاف.
- وتبعاً لذلك خلص المحاضر أننا أمام عقلية تشبه عقليات “التفكير الجماعي” كما أن ترمب ذاته يحمل صفات الرئيس الصليبي.
- وأضاف المحاضر إلى أن عقلية الرئيس الأمريكي المنتخب ترمب يمكن تصنيفها بـ “عقلية المعتوه”. وأضاف أن عدداً من المعتوهين قد وصلوا إلى أعلى المراتب السياسية في العالم من أمثال: شارون، بوش الابن، ساركوزي، نجاد، القذافي.
السيناريوهات المستقبلية المحتملة :
تحدث المحاضر عن سيناريوهات العلاقة الأمريكية – السعودية المحتملة خلال إدارة ترمب وخلص إلى أن هناك ثلاثة سيناريوهات:
- السيناريو الأول: تحسن العلاقات بين الدولتين 15%
أسبابه:
تاريخ العلاقات بين الدولتين، التقليل من أهمية الوعود الانتخابية كونها لأهداف انتخابية وأشار إلى ريغن كمثال، حيث قامت دعايته الانتخابية على انتقادات واسعة للسعودية، ولكن بعد انتخابه كان أحد أكثر رؤساء الولايات المتحدة دفاعاً عنها.
- السيناريو الثاني: استمرار الوضع الراهن 25%
- أسبابه:
- استمرار العلاقات التاريخية، المصالح المشتركة سوف تطغى،
- أن العمل السياسي في الولايات المتحدة عمل مؤسسي، لا يتغير بتغير الرؤساء
- السيناريو الثالث: تردي العلاقات 60%
- أسبابه:
- ذكر المحاضر أن أحد أهم أسباب توقع هذا السيناريو هو التغيير الذي حدث في المؤسسات الأمريكية وتطرف الكونغرس، الذي أصدر قانون جاستا، وزيادة حدة النبرة العدائية في الإعلام الأمريكي، والتهديدات التي صدرت من ترمب في الاستغناء عن نفظ السعوجية، ويدعم هذا اكتشاف النفظ الصخري والاستعاضة عن النفط السعودي بنفظ إيران، التحالف الغربي – الإيراني. وأشار المحاضر إلى عدد من المقالات الأمريكية التي تؤكد هذا التوجه
- وبهذا يؤكد المحاضر على صحة مقولة أن العمل في الولايات المتحدة عمل مؤسسي. ولكنه يشير إلى أن مؤسسات الدولة الأمريكية المتمثلة في الكونغرس والرئاسة والإعلام كلها قد تغيرت، وبهذا يجب توقع التغيير في السياسة الخارجية تجاهنا.
أخطار إقليمية :
أشار المحاضر إلى أن الحديث عن العلاقات السعودية الأمريكية لا يمكن أن يكون بمعزل عن بقية الأحداث في المنطقة. إذ إن ما يجري في المنطقة له تأثيره المباشر وغير المباشر على السعودية. وأشار باختصار إلى:
- ضرورة حسم الحرب في اليمن لأن استمرار الحرب في اليمن ليس من الصالح
- أن إطالة الحرب في سوريا ليس من مصلحة السعودية أو المنطقة
- وأشار إلى احتمالية غزو عراقي للكويت وضرورة التنبه لذلك
- كما أشار إلى احتمالية ثورة مصرية جديدة وضرورة أخذ ذلك في الاعتبار
- وأكد على أن أياً من هذه الاحتمالات قد يترتب عليه تغيير كبير في العلاقات بين الطرفين
خاتمة وتوصيات :
- قال المحاضر إن مستقبل العلاقات مع الولايات المتحدة غير مأمون ليس للسعودية فحسب، بل للخليج والمنطقة
- ودعا إلى إنشاء مفوضية خليجية للسياسة الخارجية على غرار مفوضية الاتحاد الأوربي
- وأشار إلى خطورة التسريبات الأمريكية التي تدعو إلى تقسيم المنطقة ومنها تقسيم السعودية
- وأكد على أهمية بقاء العلاقات مع الولايات المتحدة ولكن دون تصديقها وقال: “صادقوا أمريكا ولا تصدقوها”.
- كما أشار المحاضر إلى أهمية اسثمار أوراق المملكة في الخليج، العالم الإسلامي، عبر المنظمات الإقليمية (مجلس التعاون، الجامعة العربية، التعاون الإسلامي)، كونها قبلة المسلمين، واستثمار القوة الاقتصادية النفظية
وختم حديثه بدعوة إلى مواجهة أي تحدٍ خارجي بأمرين :
- خارجياً: حلف سني يشمل السعودية، تركيا ، قطر، ومايتيسر من دول الخليج
- داخلياً: توافق الحكومة مع الشعب في الداخل لأن التوافق الداخلي يكون صمام أمام بإذن الله أمام أي استعداء خارجي
وبعد المحاضرة كانت المداخلة الرئيسية لـ د. عبدالله الغامدي وألحق ذلك مداخلات الحضور مما أثرى المنتدى
وهذه بعض الصور من المنتدى الاستشرافي